السبت، 2 فبراير 2013

الميزان المائل .. من يعدله ؟

       كان الإمام جعفر الصادق -رضي الله عنه وهو من نسل سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه- عالماً فقيهاً في العلوم الشرعية كما قيل أنه كان من أول رواد علم الكيمياء ، تتلمذ على يده الإمامين أبو حنيفة ومالك إبن أنس في العلوم الشرعية، كما تتلمذ على يده أبو الكيمياء جابر بن حيان في العلوم الطبيعية، فقد كان إطلاعه واسع وعلمه غزير. أحدثكم وأنا لا زلت مدهش بأن هؤلاء العمالقة العِظام من مختلف العلوم تتلمذوا على يد هذا الإمام وبالأخص في علم الكيمياء الذي لم يكن يحظى بشعبية آنذلك ..
قالوا عن جابر بن حيان ..
     قال عنه الفيلسوف الإنكليزي فرانسيس بيكون: "إن جابر بن حيان هو أول من علم علم الكيمياء للعالم، فهو أبو الكيمياء" ، ويقول المستشرق الألماني ماكس مايرهوف: "يمكن إرجاع تطور الكيمياء في أوروبا إلى جابر ابن حيان بصورة مباشرة". وقال عنه آخر: "إن لجابر في الكيمياء ما لأرسطو في المنطق".
أهمية العلوم الطبيعية في نظر علماء الشريعة ..
     لم يكن جعفر الصادق رضي الله عنه يصد طلبته عن دراسة العلوم الطبيعية (وهي علوم غير شرعية) ، بل إنه ولمعرفته بأهميتها وجه تلميذه جابر بن حيان رحمة الله الى علم الكيمياء وشجعه على ذلك حتى وصل تلميذه الى ما وصل إليه من عظم المكانه ، لقد ألف جابر بن حيان رحمه الله مِئات الكتب حيث تُرجمت الى لغات عدة، لقد كان له السبق في تطوير علم الكيمياء والصيدله الذي لازلنا ننعم بفضله.
تجربتي ..
     قبل تقديمي لجامعة الكويت ، أتاني من أصدقائي الفضلاء من حثني على التقديم على كلية الشريعة راجياً مني عدم التقديم على سواها مستنداً برأي شرعي يقول بأن فضل العلم المنصوص عليه بالقرآن والسنة محصور على طلب العلم الشرعي فقط وأن دراسة العلوم الطبيعية والتي هي من علوم الدنيا لا يُؤجر عليها إبن آدم ، إلا أنني لم أقاوم محبتي للرياضيات والفيزياء الأمر الذي دفعني الى تقديم طلبي على كلية الهندسة حيث تخصصت لاحقاً بتخصص الهندسة الميكانيكية. وبالرغم من إيماني التام بأن رأي إخوتي يمثل رأيا شرعياً أحترمه الا أنني على يقين تام بأن هناك رأي شرعي آخر يقول بأن فضل طلب العلم غير محصور بالعلم الشرعي لأن الواقع أيضاً يفرض ذاته.
نظرة في الواقع ..
      بالرغم من أنه لم يكن لعلم الكيمياء أثر كبير في حياة الناس إبان عصر سيدنا جعفر الصادق إلا أنه حث طالبه جابر بن حيان على هذا العلم ورعاه حتى صار عالماً جهبذاً، فإذا كان هذا أمر سلفنا وأجدادنا فكيف من المفترض أن يكون شأننا ونحن نعيش في عالم تلعب فيه التكنولوجيا دوراً رئيسياً وفي شتى المجالات، إني لأتسائل: هل هناك من علماء الشريعة وغيرهم مَن خصص مِن وقته وجهده لتحفيز بعض طلبته وتشجيعهم لدراسة الفيزياء مثلاً أو غيرها من العلوم التي تقود التكنولوجيا ، ألم يقل الله تعالى في محكم تنزيله: "وأعدوا لهم ما إستطعتم من قوة"؟ أليست أمريكا التي تمتلك أقوى جيش في العالم يعود ذلك بفضل ريادتها في التكنولوجيا. لا أتوقع أن هناك من الأخوة من قد يخالفني إذا بالغت وقلت بأن الدولة الأكثر ريادةً في التكنولوجيا أقربهم الى سيادة العالم، فإذا كان هذا الأمر صحيحاً أليس من الواجب الشرعي على كل ذي فضل وعلم أن يحوز هذا الأمر على إهتمام منه ليس كلاماً يُردد بل ممارسة نجد لها أثر في حياة أمتنا.
إقتراحات ..
     نتفق على أن العلم الشرعي مهم جداً ويؤجر صاحبه ، إلا أن دراسة العلوم الأخرى مهمه أيضاً ، لذا دعوني أتسائل: لماذا لم نسمع يوماً من خطيب الجمعة أن تحدث عن الخوارزمي مثلاً وفضله في علم الرياضيات؟ لماذا لم نسمع خطيباً يتحدث عن التكنولوجيا وأثرها في المجتمعات الإسلامية و حث الناس على تشجيع أبناءهم على التخصص في العلوم الطبيعية والإنسانية وإنعاشها في مجتمعاتنا ؟ لماذا لم نسمع يوماً بتخصيص حلقات ودروس في المساجد في مُذاكرة فضل هذه العلوم وتدارس سيّرعلماءها وأثر أعمالهم في حياة الشعوب. تلك بعض الإقتراحات .. فهل من مزيد ؟
أخوكم/ طلال عيد العتيبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق