الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

بخطوات بسيطة .. كيف تكون مخترعاً؟


ما هو الإختراع؟ كيف أكون مخترعاً؟ ما الذي يحفز على الإختراع؟ كيف أبدأ التفكير في إختراعٍ ما؟ كيف أطور إختراعي؟ كيف أحمي فكرتي؟ .. أسئلة تدور في عقلولنا ربما لم نجد لها أجوابةً شافيه، لذا سأتناول الإختراع بنوع من التفصيل لنجيب على كل ماسبق من أسئلة بحيّث يستفيد من هذا المقال المهندس والطبيب والإقتصادي والفيلسوف و و .. لكن كيف!

مخاوف!
كان في يوم من الإيام لدي إحساس بأن الإختراع أمر إعجازي ولا يمكن أن يقوم به إلا أشخاص إستثنائيين ربما أتوا من كوكب آخر، لذا كانت هناك هاله تحيط بالإختراع والمخترعين تجعلني لا أقترب من التفكير بأن أكون مخترعاً ولو في يوم من الأيام، والغريب أن هذا هو التصور نفسه عند كل من تحدثت معهم وبالإجماع!!

ماهو الإختراع؟
ببساطة هو شدة الملاحظة عند الإنسان التي تجعله قادراً على تلبية حاجة ماسة أو حل مشكلة معينه عن طريق محاكاة خلق الله عزوجل شكلاً أو سلوكاً، ولتوضيح الأمر، كان الناس بحاجة الى التنقل بشكل أسرع، فإخترع أحدهم الطائرة التي لم تكن الا نسخاً من بنية وشكل الطيور، والشواهد أيضأ على ذلك كثيرة من الممكن الإطلاع عليها في مقالي السابق (قصة محاكاة الطبيعة .. تنتهي بـ"إختراع"!!) ، فالإنسان إبن بيئته وإختراعاته لا يمكن أن تخرج من نطاق التصورات التي أوجدتها له الطبيعة التي يعيش فيها.

مجالات الإختراع ..
عندما تسمع بكلمة الإختراع قد يتبادر الى ذهنك "جهاز معقد" أو "ماكينة ظخمه" وهلم جرى .. إلا أن مجالات الإختراع كثيرة وربما نستطيع أن نوجزها في مجالين إثنين لا أكثر. المجال الأول هو المجال المادي والذي يكون الإختراع فيه على صورة جهاز أو ما شابه وهذا شائع ، وأما المجال الآخر والمهم للغاية فهو المجال المعنوي، والأمثلة عليه تدور حول الأمور التنظيمية كعمل إستراتيجي مستحدث أو عمل تنظيمي جديد بأحد هياكل الدولة ، أو نظام تعليمي مطور أو أنظمة إقتصادية نهضوية ، كل هذه مجالات للإختراع فيها دور حيوي.

التساؤل الأول: ماهي الغاية؟
هذا التساؤل هو الأهم بين كل الأسئلة، والذي بإمكان الإجابة عليه بوضوح أن تساعدك على البدأ والإنطلاق من النقطة الصحيحة نحو إختراع أفضل، إن كافة الإختراعات تدور حول إحدى أمريّن، إما أن يكون الإختراع مطلوب لأجل تلبية حاجة ماسة، أو أن يكون لأجل حل مشكلة معينه، الأول أقرب الى أن يكون ولادة جديدة ، أما الآخر فأقرب الى أن يكون تطوير أو تعديل عمل جهاز معين بما يرفع كفاءته وأداءه. لذا من الضروري جداً أن تسأل نفسك: ماهي الحاجة التي أبحث عن تلبيتها بشكل دقيق؟ أم هل أريد ان أحل مشكلة معينه أو أن أطور عملاً ما؟ وكخلاصة، يجب أن يكون لدية تصور ورؤية واضحة لما تريد أن تقوم به.

خطوات مقترحة:
بعد أن تتمكن من تحديد المشكلة التي تريد حلها أو الحاجة التي تريد تلبيتها، من الأفضل أن تسلك هذه الخطوات التالية بمفردك أو من خلال فريق عمل وبإمكانك أيضاً أن تعدل من هذه الخطوات حسب رؤيتك وإقتناعك، لأن الإختراع أساسة الخروج عن التقليد:
1. العصف الذهني: خطوة لا مفر منها، بهذه الخطوة حاول أن تخرج بأكبر قدر ممكن من الأفكار والحلول ودوّنها ولو كانت غير واقعية أو غير منطقية ، فقط أخرج الأفكار من داخلك من دون أن تحاكمها للعقل، كن أقرب الى الطفولة وأن تفكر فليس هناك أنقى ولا أصفى من أن تفكر كالأطفال. في بداية الأمر ستخرج بأفكار كثير ثم مع مرور الوقت ستجد وكأن عقلك نضب! لكن واصل التفكير وستجد عقلك يتفتق من جديد!
2. ترتيب ودمج الأفكار: حينما تجد نفسك توقفت نهائياّ عن الإتيان بأفكار جديدة، فإنك قد وصلت على أبواب الخطوة الثانية، هنا حاول قدر المستطاع أن ترتب الأفكار و دمج بعضها مع بعض بالقدر الذي يجعلك تقترب من تحقيق الغاية، لا تستعجل بشطب بعض الأفكار بل فقط رتبها وهذبها.
3. تحديد الخيارات: هنا يتم وضع الأفكار على شكل خيارات محددة والتمعن بكل خيار ومحاولة معرفة المميزات والعيوب التي تشوب كل واحد منها حتى تكون الخيارات جاهزة للتقييم بشرط ان تكون هذه الخيارات تحقق الحد الأدنى الغاية المطلوبة.
4. المحاكمة والإختيار: هنا وعلى "ميزان الجدوى" يتم محاكمة كل خيار تم تحديده، هل له جدوى إقتصادية ، ما هي جدواه الإعلامية؟ وهلم جرى، وفي النهاية يجب أن يكون الخيار المرغوب به ذا جدوى ويحقق الحد الأدنى من الحل المطلوب أو الحاجة المبتغاه.
5. الصعود اللولبي: من الطبيعي جداً أنك و بعد هذه الخطوات الأربعة السابقة ستخرج بحلول ليست ناضجه، والسبيل إلى تطويرها يتلخص في أن نأخذ الخيار الذي تم التوصل والإتفاق عليه وأن نعود به الى الخطوة الأولى "العصف الذهني" لتطوير الفكرة ودمجها بأفكار مستحدثه ثم المرور مرةً أخرى بالخطوات الباقية، أن هذا الأمر سيحقق بلا أدنى شك صعوداً لولبيا الى الأعلى بما يحقق نضوج الأفكار. وبالإمكان إعادة الخطوات السابقة عدت مرات من خطوة 1 الى خطوة 5 متى ما إقتضت الحاجة.

كم يستغرق الإختراع؟
قد يتصور البعض أن الإختراع يجب ان يتم خلال ساعات قليلة وهذا تصورٌ شائع، والصحيح أن الكثير من الإختراعات قد يستغرق أسابيع وشهور حتى يتم التوصل إليه، لذلك فإن الصبر والجلد مطلوبٌ في رحلة الإختراع وهي بلا أدنى شك رحلة ممتعة!

كيف أحمي إختراعي؟
إن أكبر عقبة يواجها المخترعين عموماً تكمن في كيفية حماية أفكارهم، العقبة تكمن في أمرين لا ثالث لهما: الأول هو التكلفة المالية الباهظة لتسجيل الإختراع دولياً (كالأمريكية والأوروبية) والأمر الآخر هو طول مدة تسجيل براءة الإختراع الذي تتجاوز إجراءاتها 6 أشهر. لكن الجميل أنه يمكن أن تقوم بتسجيل براءة إختراع محلية بتكلفة قليلة وبإجراءات أسرع لكن ليس له قوة دولية. وبإستطاعة كل شخص ليس قادراً على متابعة إجراءات تسجيل إجراءات الإختراع الطويلة والمعقدة أن يستعين بجهات حكومية كمؤسسة الكويت للتقدم العلمي لتسجيل براءة إختراع محلية أو عالمية، أو الإستعانة بمحامين متخصصين في هذا الشأن. ومن الممكن أيضاً تقديم طلب تسجيل براءة الإختراع إلكترونياً على شركات كـ(http://www.patentarea.com/ ) والتي توفر كل المختصين من مهندسين ومحامين القادرين على إتمام متطلبات تسجيل براءة الإختراع.

التسويق "مربط الفرس"!
عندما تنجح في كل الخطوات السابقة بما فيها حماية فكرتك، يأتي مرحلة قطف الثمار، والذي لا يمكن أن يتم الا من خلال حسن العرض والتسويق، فهناك مؤلفات تساعدك في تحسين مهارات التسويق لديك، ولكن على أقل تقدير كن مستعداً حينما تقابل أي شركة تعرض عليها إختراعك أن تجعلهم يقفوا على الجدوى الإقتصادية الكبيرة للإختراع أو الهالة الإعلامية التي من الممكن كسبها من خلال تبني هذا الإختراع، ولا تخطئ أبدأ أن تخاطب فيهم عطفهم أو أن تستجدي مساعدتهم .. فقط فكر بعقليتهم وستجد ما يبحثون عنه في إختراعك!

طلال عيد العتيبي

الجمعة، 14 ديسمبر 2012

قصة محاكاة الطبيعة ... تنتهي بـ"إختراع" !!


         لم يكن ذا علم أو شهادة ، لم يكن طالباً متفوقاً في جامعة هارفارد ، لم يكن عالماً فيزيائياً ، لم يكن مخلوقاً خارقا للعادة أتى من كوكب آخر ، كان إنساناً شديد الملاحظة فقط يتأمل حركة البطة وهي تطفو وتتحرك فوق سطح الماء ، حتى تبادر الى ذهنه صنع مجسم مشابه للبطة يمكِنه من الطفو فوق الماء ، كانت هذه البداية فقط التي قادت الى بناء الأسطول البحري!

أسئلة جوهرية:
        بينما نحن نفكر في أصل الإختراعات، لماذا لا نتسائل ؟!! .. أليست الطائرة التي نحلق بها مشابهه للطيور؟ أليس تمثال "أبو الهول" عبارة عن جسم أسد برأس إنسان؟ ألم يصور لنا الروائيين الخلاقين أن شخصية "الشرير" الذي يلاحق الفتاة الجميلة عبارة عن إنسان برأس ثور، أليست طائرة "الهيلوكوبتر" مشابهه تماماً لحشرة اليعسوب ؟ أم هذا الذي صور لنا أن شخصية "الشيطان" عبارة عن صورة إنسان بقرون له ذيل على شكل سهم ، أوليس هذا مجرد تجميع من قرون حيوان وهيئة إنسان وذيل الزواحف؟ كيف دفن قابيل أخيه هابيل بعدما قتله وإحتار أين يخفيه ، ألم يحاكي عمل ذلك الغراب الذي دفن غراباً آخر؟  ماذا فعل الذي إخترع شخصية "حورية البحر" غير أنه دمج نصف فتاة بنصف سمكة ؟ ... ألا تقودنا كل هذه الأسئلة الى إستنتاج واحد فقط !!!

الإختراع إبن الطبيعة:
        إن محاكاة الطبيعة تعني أن يحاكي ويستوحي الإنسان في إبداعاته شكل أو خصائص أو سلوك أحد مخلوقات الله عزوجل، وإن المتبصر بطبيعة الإختراعات التي توصل لها الإنسان يعرف أنها لا تعدوا إلا أن تكون مجرد محاكاة لخلق الله عزوجل، فالإنسان إبن بيئته وإختراعاته نتاج هذه البيئه ليس أكثر ، وإن الإنسان مهما جمح به عقله وإنطلق به خياله الواسع ، فإنه لا يستطيع بأي حالٍ من الأحوال أن يأتي بشيء ليس للطبيعة فيه أصل، ولن يقدر على الإختراع ما لم تكن لديه تصورات ذهنية خلقها البيئة التي يعيش فيها.

كيف تخترع؟
        حتى تكون مخترعاً لست مطالباً بأن تدرس في إحدى الجامعات العريقه أو أن تحصل على شهادة الدكتوراه أو أن تكون إنساناً خارقاً للعادة قادرٌ على أن تخلق من العدم شيئاً ، كل ما هو مطلوب منك هو أن تكون أكثر تركيزاً وأنت تشاهد الطبيعة من حولك حيث يكمن في محاكاتها مليون إختراع وإختراع !!!

كن خلاقاً ..
        إن المخترعين الأعلام ، والروائيين المبدعين ، والرسامين والنحاتين الأفذاذ ، لم يأتوا بشيء إلا ولبيئتهم فيه أصل، فليس صعباً أبداً أن تنظم أخي القارئ الى هذه الكوكبه مِن مَن خلدهم التاريخ ، وإن أردت أن تكون خلاقاً مثلهم ، فليس هذا أكثر من أن تكون شديد الملاحظة لما حولك من آيات الله عزوجل ، ولتجعل منها نواة عملٍ قد يقدر الله عزوجل لها أن تغير مجرى العالم ، إن كيفية الإختراع يحتاج الى أن أفرد له مقالاً آخر حتى يتسنى لي أن أشرحه بشكل أدق مستنبطاً خطواته من واقع تجربة عشتها سنة 2005 وذلك بعد حصولي على براءة إختراع مسجلة !!

 
أخوكم/ طلال عيد العتيبي