الجمعة، 19 يوليو 2013

كيف نعرف الأنظمة الباطلة ؟



إستكمالاً لما جاء في مقالي السابق "هل عقلك ديناميكي؟" ، الذي إطلعنا فيه على أمر مهم للغاية. ألا وهو أن ميزان الإتزان الكوني يقوم على كفتين: الأولى هي وجوب وجود القانون العام الذي ينظم كافة أفراد المجتمع والثانية هي وجوب وجود تعددية الخيارات الفردية.
نستطيع الخروج من البيت والذهاب الى الدوام من عدة طرق وهو خيار شخصي بحت يقوم على قناعاتنا (وهذا ما نعنيه بالخيارات الشخصية) ، لكن يجب أن نسير ضمن الشوارع والجسور العامة إذا ما أردنا الوصول من البيت لمكان العمل (وهذا ما نقصد بوجوب وجود النظام العام). إن القوانين الكونية لا تتحكم فينا بقدر ما تقوم به من تظيم حياتنا بشكل متزن وغير مضطرب. إن المشكلة التي نواجهها تكون حينما يتم بناء قانون سياسي أو إجتماعي أو إقتصادي بصورة تحرم الناس خياراتهم الشخصية وتفرض قيوداً على  حرياتهم.
إن وجود النظام العام من شأنه بعث الإتزان في المجتمع على أن يحافظ على قدر من الحريات والخيارات الشخصية التي من شأنها إطلاق إبداعات الناس وطاقاتهم. إن عدم وجود القوانين يبعث الإضطراب العام ، وفي المقابل عدم وجود الحريات الشخصية يقتل في الناس الروح الإيجابية والكبت يجهز لثورة ستنفجر لا محاله. لذا من المهم الموازنه بين الإثنين.
في مجتمعاتنا على وجه التحديد ، هناك إضطراب كبير في هذه المعادلة الكونية . فإما أن تكون هذه القوانين مختله وتفتح باب الخيارات الفردية بطريقة عشوائية خصوصا في النظام التعليمي. أو أن تكون القوانين تحكمية لا تنظيمية وهو نراه في مصادرة الحريات الشخصية بقوانين إجتماعية أو دينية أو سياسية أسرفت في التنظيم الداخلي بشكل تصادم فيه الغاية من بناء الكون ألا وهو الإتزان العام.
إن بعض العادات والتقاليد التي يقبع في قيودها المجتمع العربي هي قوانين إجتماعية مضطربة تقيد الحريات ولا تنظمها. إن النظام السياسي الذي يحرم المواطن العربي حقة في الإختيار ويتعامل معه بطريقة جبرية هو قانون سياسي مضطرب لا يتفق مع النواميس الكونية. إن المذهب الديني الذي يبني قوانين دينية من شأنها أن تحمي الظالم وتصادر حق الأفراد في التعبير بسلمية عن رفضهم الحاكم الفلاني هو مذهب باطل ومرفوض كونياً، إن المذهب الفكري الذي لا يستند الى منهج منظم في الإستنباط والبحث ويترك لأتباعه حرية الإختيار المطلقة هو مذهب فكري فوضوي لا يبني حضارة. عزيزي القارئ كل هذه قوانين السابق ذكرها باطله عقلياً ولا تستند الى أي منطق ، وعمرها الإفتراضي قصير.
إن مسؤولية الجماعات الفكرية ومؤسسات المجتمع المدني والتيارات السياسية ، هو وجوب إعادة النظر في أساس تكوين مجتمعاتها إجتماعيا وسياسيا ودينيا ، ورفض كل قانون يحرم الأخرين حرياتهم ، وإعادة بناء نظاما عاما متزنا في شتى المجالات يمارس من خلاله الأفراد متسعاً من الحرية المنظمة.
طلال عيد العتيبي

الأحد، 14 يوليو 2013

هل عقلك ديناميكي ؟


   قد يعتقد الشخص أنه مخيّر في كل أمور دنياه بينما يؤمن بأن هذا الكون بما فيه يسير وفق قوانين محددة. إن التفكير بجدية في هذا الأمر من شأنه أن يبعث الشك في نفس الإنسان وقد يدفعه الى إعتناق فكرة "ما أنا الا كائن مسيّر" وكل ما يمكنني القيام به هو البقاء كالحجرة في فلك هذه القوانين الكونية. لذا يقول لنفسه: لماذا أتعب نفسي في التخطيط و ما إلى نحو ذلك!

الحقيقة:
   لنطرح مثالاً بسيطاً، بينما تجلس في مكتبك أو مع أهلك، فإن بإستطاعتك أن تضع فنجان القهوة في الموقع الذي تريده على الطاولة التي أمامك، لكن ليس في وسعك بينما أنت ثابت في مكانك أن يمتد إصبعك كالخيط المطاط ليذهب بعيداً ويطفئ زر إنارة الغرفة. بإستطاعتك أن تختار أي طريق تذهب بها الى سطح منزلك سواء من السلم الداخلي أو المصعد لكن ليس بإستطاعتك أن تخرتق السقف بجسدك لتذهب لأعلى. من هذه الأمثلة البسيطة جداً نعلم أن لنا الحرية في الإختيار لكن ضمن حدود قوانين محدده. إن إمتداد إصبك كالخيط المطاط وإختراق جسدك للسقف يتصادم مع القوانين الفيزيائية. لكن هذا القوانين الكونية لم توجد لأجل أن تحرمنا حريتنا بل لأجل ضبط النظام والإتزان العام في الكون وعلى أن تكون خياراتنا التي نتخذها ضمن هذا القانون المتزن الذي ينظم الكون بأكمله.

الفيزياء وعلم النفس:
   ليس لدي أدنى شك بأن العالم بأدق تفاصيله تحكمه القوانين ويسير في وضع مستقر. وكما أن هناك قوانين فيزيائية تحكم المادة وسلوكها ، فإن هناك أيضاً ما يحكم السلوك الفردي والإجتماعيز وإنا حينما نتحدث عن حريتنا في حياتنا فنحن نتحدث عن الجانبين الفيزيائي (مادي) والنفسي (روحي). بمعنى أنك لن تستطيع المشي 100 كم في الصحراء من دون ماء لكن بتوفر الماء يمكنك ذلك. لن تستطيع أن تكون عالماً من دون الدراسة لكن بالدراسة والإطلاع يمكنك أن تكون عالماَ. لن تنافس أهل رؤوس الأموال الضخمة في السوق وأنت تاجر صغير لكن تستطيع أن تزيد من تجارتك حتى تصبح على قدر المنافسه. إن خسارتك في سباق لم تؤهل له نفسك ليس فشلاً بقدر ماهو خطأ إستراتيجي قمت به بسبب عصيانك إتباع القوانين الكونيه. إن من حسن حظنا أنها لا تحابي أحداً بل تنطبق على كل البشر.

العقل الديناميكي:
   كل ما يستطيعه الإنسان هو توسيع دائرة الخيارات لدية بما يزيد من حريته، إن فهم القوانين الكونية سواء الفيزيائية أو الإجتماعية وتحقيق متطلباتها يفتح للإنسان باب الخيارات على أوسع أبوابه. إن الإنسان حينما يسير ضمن هذه القوانين ويرتقي بقدراته يزيد من دائرة حريته. خياراتك وأنت تمتلك مئة ألف دينار ليست كخياراتك وأنت تمتلك مليون دينار. خياراتك وأنت تمتلك شهادة ثانوية عامة ليست كخياراتك وأنت تمتلك شهادة دكتوراة. إن العقل الديناميكي هو العقل الذي يسعى جاهداً الى دفع الإنسان الى تطوير ذاته بإستمرار من خلال السير ضمن حدود القوانين الكونية و توسيع الخيارات بما يضمن تمدداً مستمراً للحرية. إن العقل الديناميكي مرن جداً ويفهم أن التصادم مع القوانين يحرم الإنسان خيارات كثيره ويحد من حريته. عزيزي القارئ إلتفت حولك وقد تجد بعض الناس الذين دائما ما يتذمرون من الفشل ويزعمون بأن حظهم سيء بينما إذا دققت في ممارساتهم لوجدتها في صدام دائم مع القوانين الكونية.

خلاصة:
   نحن لنا كامل الحرية في تحديد خياراتنا لكن ضمن نظام متزن يحكم العالم. نحن محظوظون بهذا القوانين التي تنظم السلوك المادي والإنساني بما يضمن الإتزان الكوني. إن فهم الإتساق العام بين حريتنا وبين هذه القوانين يجعل الإنسان أكثر مرونة في تخطيط حياته وتقبل واقعه.

* تنويه: سأفرد مقال آخر عن أنواع القوانين، لأن بعضها من نسج  خيال المجتمع والتي من الممكن أن تقيد من حريتنا بغير وجه حق !! فإنتظرونا !!

أخوكم/ طلال عيد العتيبي.
@4TalalBlog